كاتب علوي يكشف خفايا الصراع المتصاعد داخل الطائفة العلوية

كتب عبد الرحمن الصالح ابن اللاذقية

في الصراع العلوي – العلوي .. في عهد الأسدين .

لا يخفى على أحد أن الطائفة العلوية عمدت كغيرها للتقية الدينية في ممارسة معتقداتها فهي كانت تظهر خلاف ما تبطن خوفاً من البطش ابتداءً من القرن الثالث عشر وصولاً إلى عام 1920 .
في هذا العام تبدل إسم الطائفة من (النصيرية) إلى (العلوية) كونها سكنت جبال العلويين بعد قدومها التاريخي من سنجار – العراق .

تبقى الخطوط العريضة للطائفة أسرار معلنة فهي مكونة من عشائر أربعة كبرى وهي (الخياطيين – المتاورة – الحدادين – الكلبيين) وينحدر حافظ الأسد من الأخيرة و قد روى عن لسان كاتب وحيه “باتريك سيل” محطات تاريخية مهمة في حياة العلويين كطائفة و لعل أهم ما ذُكر تلك المحطة المرتبطة بالإنتداب الفرنسي فهي توضح خلافات عشائرية عميقة كما ذكر كتاب (الأسد .. الصراع على الشرق الأوسط) .

اتهم حافظ الأسد علناً عائلات مثل (الكنج – عباس) بما أسماه “التعاون” مع الفرنسيين علماً أنه هو العاشق لمصطلح (العمالة) .

وكذلك صوّب النار اتجاه عشيرته فإتهم شخصيات بعينها “بالتعاون” مع الفرنسيين مثل (محمد بيك الجنيد – صقر خير بيك) وكذلك ادعى زوراً في الكتاب انتماء “الشيخ سليمان الأحمد” لعشيرته علماً أن الرجل ينتمي إلى عشيرة “المتاورة” وبالتخصيص لفخد “النميليين” منهم وتخضع له الزعامة الروحية فيها .

و لعله فعل ذلك ليستطيع التصويب بسهولة أكبر على “الولاء العلوي للإنتداب الفرنسي” كما أسماه لإبن الشيخ سليمان الأحمد “بدوي الجبل” .

من الجدير بالذكر تنويه الأسد في كتاب “سيل” عن وطنية عزيز بيك الهواش (زعيم عشيرة المتاورة) وتنصيبه محافظاً لدمشق مكافأة له على مواقفه الوطنية من التقسيم حينها .

و من المحطات المهمة لاحقاً هي زواج حافظ الأسد كذلك من آل مخلوف المنتمين عشائرياً إلى (الحدادين) لتقوية نسبه ضمن الطائفة فهو بعد جده “سليمان” يُعدّ مجهول النسب تماماً وهذا مالم يستطيع استداركه لا باتريك سيل و لا كمال ديب في كتابه “تاريخ سورية المعاصر من الإنتداب إلى صيف 2011” .
اليوم .

بشار الأسد ينقلب على العشائر التي سعى والده لتمكين علاقته بها وترسيخ نسب غير معروف من خلال مصاهرة أصحاب الأنساب من (آغاوات) الطائفة .. فمن المعروف أن آغاوات الأقليات هم الأكثر سعياً لتوثيق أنسابهم عبر الزمن لتكريس إنتمائهم للأرض على عكس الأكثرية التي كرست إنتمائها سلفاً بالعدد والعديد عبر الزمن .

أولاً : حرب الأسد الوريث على آل مخلوف هي حرب على العشيرة بشكل واضح – أو على قياداتها على الأقل – وهذا أكدته قلاقل حدثت عقب نكبة رامي مخلوف في مناطق توزع “عشيرة الحدادين” .

ثانياً : حرب الأسد الوريث على آل هواش (أحفاد عزيز بيك هواش) و هي كذلك حرب على العشيرة بشكل واضح – أو على قياداتها على الأقل – وهذا تؤكده قلاقل تحدث حالياً وتهدف من خلال ممارسات (طقسية) في الطائفة لتحويل “عزيز بيك هواش” الذي وصفه الأسد الأب بالرجل الوطني إلى قامة دينية فيسهل تسويق فكرة “تعاون” هذه الشخصية مع سلطات الإنتداب الفرنسي .

وتقارب الأسد الإبن مع الطائفة السنية الجديدة ومحاربة رموزها التي هاجمت العلويين تاريخياً هو أمر ليس بعشوائي فاليوم تخلق طائفة جديدة قوامها من سنة السلطة و “البعلويين” أي (العلويين البعثيين) وهي تنتشر بقوة بدعم إيراني لبناني من مصياف شرقاً إلى جبال الساحل غرباً .

ختاماً يسعى الأسد الإبن لدخول الانتخابات القادمة من خلال بوابات مساجد (السُنة المعدلة جينياً) وأصوات (البعلويين) وعليه لا مشكلة لديه في تقديم أخر علوي – معارض لديانة الدولة الجديدة – لأول سني – موالي للمذهب الجديد – و على هذا الحصان تتدخل زوجته بقوة فهي الساعية لإيصال ولدها بعد والده للسلطة من البوابة السنية الجديدة و ليس من البوابة العلوية المتآكلة وبهذا تتحقق رؤية فيصل القاسم و آلاف المعارضين أن بشار الأسد فعلاً لا يكترث للطائفة العلوية المنصهرة في الحرب بل لكرسيه و كرسيه فقط كما فعل أباه فهو يسعى كأبيه لتقسيم العشيرة والطائفة والدولة حتى يُتاح له الحكم لسنون طوال و ربما التوريث مجدداً دون منافسة داخلية أو خارجية .