تركيا بين فكي كماشة..إما تختار صواريخ أس ٤٠٠ الروسية أو باتريوت الأمريكية…فماذا تختار؟

مابين الإس400 والباتريوت مفترق طرق
مع الخصم الأمريكي لهذا الموضوع وحسم الجدل حوله فإن أنقرة الآن على مفترق طرق حساس فإما أن تتابع علاقاتها وتحالفهاتها الإستراتيجية والمصالحية وتفاهماتها مع موسكو …أو أن تحاول إسترضاء واشنطن وأن تعود إلى محيطها الأطلسي الأوروبي وبيت سرها الأمريكي ..وهذا الأمر تحديدا يعتبر من أصعب الأمور في السياسات الدولية، فالمحافظة على علاقة دولية كاملة بين طرفي نقيض هو من أصعب الإختبارات التي تمر بها إدارة دولة ما …

فعندما تلعب على حبلين وفي ملعبين قد يبدوان لك متناقضان ظاهريا فإنك بالتأكيد سوف تصل إلى صافرة النهاية في أحدهما وسوف يكون مطلوب منك أن تظهر ولائك الكامل للاعبي هذا الملعب أو ذاك عندما تصل المباراة إلى نهاياتها الحساسة …يظن البعض بكل بساطة أن بمقدور تركيا أن تعيد صواريخ الإس ٤٠٠ وتستبدلها بالباتريوت متجاهلين بأن هذا الأمر دمار لحكومة حزب العدالة على الصعيد الداخلي قبل الصعيد الخارجي فإن هذا الأمر سوف تسثمره المعارضة التركية لإظهار أن سياسات حزب العدالة سياسات فاشلة ومتناقضة ومترددة وأن هذه الصواريخ الروسية التي كلفت ملايين الدولارات قد جعلت تركيا في عنق الزجاجة بدل أن تقوي موقفها كما أن ترجيع هذه الصواريخ سوف يهدد كل العلاقات والتفاهمات الروسية التركية وبالتالي سيظهر حزب العدالة أمام المعارضة بأنه كان على خطأ فادح في طول السنوات والفترة التي كان يرسخ فيها علاقات تركيا مع موسكو وهذا مالايتقبله حزب العدالة أن يتهم فيه وأن يظهر أنه كان لايجيد التعامل الجيد في السياسات الخارجية وأنه كان السبب في هدم العلاقة مع روسيا …

وأما خارجيا فإنه من الطبيعي جدا أن لاتتقبل واشنطن أن تنصب صواريخها السرية على نفس المنظومة والأرض التي ستنصب وتشغل منها الإس400 الروسية لأن كلا المنظومتين تتعارض مع الأخرى ولذلك فإن واشنطن بهذا الإعلان أرادت إحراج حكومة الرئيس التركي لعلمها المسبق بحيثيات صعوبة وحساسية الإختيار بين المنظومتين وخاصة بعد أن إشترت أنقرة الإس400 وماسيرتب على ذلك من أخطار خارجية وداخلية ستحيق بحكومة حزب العدالة ….ولذلك فأنا أرجح وبقوة أن تحافظ أنقرة على صواريخ إس 400 لأنه أهون الشرور وبذلك ستحافظ على جميع علاقاتها وتفاهماتها مع موسكو… ولكنها ستحاول إسترضاء واشنطن بصورة حل مناسب ولو إني شبه جازم ومتأكد بأن الأمر لن يكون بالسهولة التي يتخيلها البعض.. وهذه الصعوبة بحد ذاتها هي ماتريدها واشنطن وذلك لدفع أنقرة دفعا أكبر بإتجاه زيادة إمعانها وتنفيذها وإستمرارها في إتفاقات أستانا التي خططت واشنطن لها ودفعت الجميع نحوها بالرغم من تظاهر واشنطن بأنها ضد أستانة…

أبو تيمور الجيران