حرب غير معلنة ضد إيران

سوشال-متابعة فريق التحرير
ضربت سلسلة من الهجمات العنيفة إيران متضمنة انفجارات وحرائق وكانت الحوادث متكررة ومكثفة لدرجة أنها ليست حوادث عشوائية.

من الجيد دائماً توخي الحذر في إسناد المسؤولية عن مثل هذه الأفعال التي لم تتم المطالبة بها، خاصة بالنسبة لنا جميعاً خارج القنوات الحكومية التي قد تكون لديها معلومات أفضل حول ما يحدث.

لكن الظروف تشير بقوة كما تعكس بعض التقارير الصحفية السائدة إلى أحد المشتبهين أو كليهما: حكومة نتنياهو في إسرائيل وإدارة ترامب في الولايات المتحدة.

كل من هؤلاء المشتبه بهم لديهم سجلات تتبُّع متشابهة من حيث الطريقة.

كان العمل الأكثر وضوحاً من قِبل إدارة ترامب هو اغتيال “قاسم سليماني”.

تضمن السجل الإسرائيلي للأعمال الهجومية ضد إيران سلسلة من الاغتيالات لعلماء نوويين إيرانيين.

كان هذا جزءاً من حملة اغتيالات إسرائيلية أكبر وأطول أمداً في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

لم تعلن الحكومة الإسرائيلية ولا إدارة ترامب رسمياً الحرب ضد إيران لكن خطاب كل منهما لم يبتعد عن هذا الإعلان.

أوضحت إدارة ترامب نيتها إلحاق أكبر قدر ممكن من الألم بإيران بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر العقوبات الاقتصادية.

كان خطاب حكومة نتنياهو الضخم حول إيران معادياً تماماً، مثل ما خرج من واشنطن أو ما جاء في الاتجاه المعاكس من طهران.

إنها حرب لذا يجب أن نقلق بالتأكيد من تصاعُد النزاع إلى شيء كبير.

في هذا الصدد، لا تنخدع بتقليل النظام الإيراني من الهجمات الأخيرة وضبط النفس -حتى الآن- فيما يتعلق بالانتقام.

ووضع صانعو السياسة الإيرانيون على تقاويمهم تاريخ 20 يناير/ كانون الثاني2021.

لا يريد القادة الإيرانيون أن يغرقوا في مفاجأة أكتوبر (أو يوليو) التي من شأنها أن تولِّد تأثيراً حاشداً في أمريكا، وقد تنقذ فرص إعادة انتخاب دونالد ترامب، على الرغم من أنهم يدركون أن ضبط النفس يفعل ذلك خطر جَعْلها تبدو ضعيفة.

لا مبرِّر للحرب
على الرغم من أن الحرب الحالية لم يتم الإعلان عنها رسمياً إلا أنه يجب تقييمها وفقاً لنفس المعايير التي تقيم بها الحروب.

وبحسب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة فإن الحرب يمكن أن تبرر فقط إذا كانت للدفاع عن النفس كرد فعل أو قبل وقوع هجوم في الاتجاه الآخر.

لكن هذا ليس الوضع الحالي مع إيران إذ لا يوجد ما يشير إلى أن إيران على وشك مهاجمة إسرائيل أو الولايات المتحدة.

وبالنظر إلى أن إيران أضعف بكثير عسكرياً من هذين الخصمين فسيكون من الغباء أن يفكر القادة الإيرانيون في أي هجوم.

وتأكَّد ضَعْف أي استناد أمريكي إلى الدفاع عن النفس من خلال المبررات الرسمية المشوشة لقتل “سليماني”.

في النهاية استند الأساس المنطقي للإدارة الأمريكية بشكل أساسي إلى الدور السابق لسليماني في دعم عمليات الميليشيات العراقية التي أحدثت خسائر أمريكية أثناء القتال في العراق.

كان هذا القتال نتيجة مباشرة لحرب هجومية -عمل عدواني- شنته الولايات المتحدة في عام 2003.

كان برنامج إيران النووي محط اهتمام في السنوات الأخيرة، وكانت الهجمات عليه من أكثر الهجمات التي تم الإعلان عنها مؤخراً على إيران في المنشأة النووية في “نطنز”.

لكن الاتفاق متعدد الأطراف المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، التي وضعت قيوداً شديدة على البرنامج الإيراني، قام بعمل أفضل بكثير في توقف سلاح إيران النووي منذ تراجُع إدارة ترامب عن الاتفاق الثاني قبل سنوات وبعد ذلك قامت إيران بتسريع نشاطها النووي.

كما يلاحظ مارك “فيتزباتريك” من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن خطة العمل الشاملة المشتركة قامت بعمل أفضل في هذا الصدد من الهجمات على “نطنز”.

كما أن الهجمات لا تفعل شيئاً لردع الأعمال الإيرانية العدوانية أو غير المرغوب فيها.

إن الانتقام النهائي على الرغم من ضبط النفس النسبي في طهران حتى الآن هو أحد مخاطر الحرب الحالية غير المعلنة.

كما بات هناك احتمال التصعيد خطيراً أيضاً وحتى من دون هذا التصعيد فإن الحملة الحالية تمتد إلى أجل غير مسمى على إحدى جبهات “الحرب الأبدية” الأمريكية في الشرق الأوسط.

بالإضافة إلى ذلك لا يوجد فائدة من الهجمات من حيث إضعاف إيران أو تغيير ميزان القوى الإقليمي لصالح أمريكا.

بل إنها تعزز دوافع إيران للحصول على الدعم من أمثال روسيا والصين.

الأهداف الإسرائيلية
إلى الحد الذي تتغاضى فيه إدارة ترامب أو تغضّ الطرف عن الهجمات الإسرائيلية على إيران أو تتواطأ معها، فهذه أخبار سيئة لمصالح الولايات المتحدة، إذ تختلف مصالح الولايات المتحدة عن مصالح إسرائيل بل وتختلف أكثر عن مصالح حكومة بنيامين نتنياهو الحالية.

إن لهذه الحكومة مصلحة في إدامة التوتر الشديد مع إيران لإبقاء إيران كطرف ناري يُلام على جميع العلل في الشرق الأوسط، ولمنع أي تقارب بين واشنطن وطهران، وتعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول الخليج العربية، وإلهاء الانتباه إلى القضايا التي تجذب الانتقاد الدولي لإسرائيل.

في الوقت الحالي أصبحت حوافز نتنياهو في هذا الصدد أقوى من أي وقت مضى، مما قد يساعد في تفسير توقيت الموجة الأخيرة من الهجمات.

إن نتنياهو مثل الإيرانيين على علم بالتقويم الانتخابي الأمريكي واستطلاعات الرأي الأمريكية.

ولذلك قد يرى في الأشهر القليلة المقبلة وقتاً مثالياً ومحدوداً لتحريك الوضع الإقليمي أكثر من الماضي مع وجود صديقه دونالد ترامب في السلطة.

لا يقلق نتنياهو من التصعيد إلى حرب أكبر من شأنها أن تخدم أغراضه بشكل أكثر دراماتيكية.

قد يكون دفع إيران إلى الانتقام بطريقة قد تشعل مثل هذه الحرب أحد أهداف الهجمات الأخيرة، ولن يكون من مهمة نتنياهو إحصاء الخسائر الأمريكية التي ستتلو ذلك.
المصدر: ناشيونال إنترست
ترجمة نداء سوريا