سوشال – متابعة
قارنت دونا أبو ناصر في تقرير نشره موقع “بلومبيرغ” بين حال رامي مخلوف، رجل الأعمال وابن خال الرئيس السوري بشار الأسد قبل عشرين عاما وحاله اليوم. ففي يوم حار من تموز/ يوليو قبل عشرين عاما وقف مخلوف في خيمة أقيمت وسط العاصمة دمشق وتغنى بصفات ابن خالته، بشار.
ومنح بشار بعد أيام في استفتاء عاما طابعا رسميا على الرئاسة التي ورثها من والده حافظ.
وتشير أبو ناصر إلى أن السوريين صدموا اليوم وتسمروا أمام خلاف يتكشف أمامهم منذ أسابيع، بعدما نشر مخلوف البالغ من العمر 50 عاما أشرطة فيديو عبر صفحته في فيسبوك عبر فيها عن المظـ.ـالم التي يتعرض لها على يد النظام. وتحول مخلوف من أكبر مؤيدي الأسد إلى عـ.ـدو داخل الطائفة العلوية التي تسيطر على سوريا منذ عام 1970. وترى الكاتبة أن التركيز ظل على انكـ.ـسار العلاقة بين الرجلين مع أن الموضوع الرئيسي هو مصير سوريا وإلى أين تسير؟
فالخلاف يحدث علنا في وقت تخرج فيه سوريا من حرب أهلية دمرت الاقتصاد. وربما بدا الخلاف مثل مسلسل درامي لكنه محاولة يائسة لجمع المال وجعل مخلوف مثالا لغيره وأن التغيير قادم. فلا يزال الاقتصاد السوري يئن من العقوبات التي قامت الدول الغربية يوم الخميس بتمديدها لعام آخر. وفي عام 2018 قدرت الولايات المتحدة ثمن الحـ.ـرب من الناحية الإقتصادية بـ388 مليار دولار.
وحتى تستطيع سوريا البدء في عمليات الإعمار فيجب عليها تبني بنية اقتصادية أكثر شفافية وأقل فسادا، وإن كانت على السطح. وكما يقول أيهم كامل، مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة يوريشيا التي تقدم النصح والاستشارة حول المخاطر السياسية “رامي هو ظاهرة قديمة، وهذه محاولة لتدميره كلاعب” و”المميز الرئيسي الآن هو التحرك نحو نظام متشظي من أمراء اقتصاد جدد ظهروا من رحم الحـ.ـرب وغيرهم ممن ظلوا في سوريا”.
وقد تذكّر محاولة ملاحقة قريب بما فعله محمد بن سلمان، ولي العهد عندما احتجز رجال الأعمال ومسؤولين وأمراء في فندق ريتز كارلتون بالرياض وأجبرهم للتخلي عن جزء من ممتلكاتهم إلا أن الأسد يجب أن يكون أكثر حذرا، فهو يريد إصلاح الاقتصاد والحفاظ على النخبة المقربة منه في غياب الدعم الروسي والإيراني، حيث يواجه هذان البلدان مشاكلهما الإقتصادية الخاصة. وفي قلب النزاع الحالي بين الأسد وابن خاله ما تقول الحكومة إنها ضرائب وأموال مستحقة على شركة سيرياتل التي يملكها مخلوف ورسوم أخرى. إلا أن مخلوف الذي نشر أول فيديو في 31 نيسان/ إبريل وأتبعه بشريطين في شهر أيار/ مايو، يقول إنه دفع ما عليه من أموال منها 12 مليون دولار كضريبة. وفي بعض الأحيان خاطب الأسد بـ”سيدي الرئيس” مما يقترح أن الصلات بينهما مقطوعة.
وحذر مخلوف في 17 أيار/ مايو بفيديو من أن الإجراءات الاخيرة ضده وسيرياتل ستؤدي إلى تخريب ما تبقى من شركات ربحية لا تزال عاملة في البلد. وقال إن شركاته توظف أكثر من 6.500 موظفا ولديها 11 مليون مشترك وتعطي نصف أرباحها في ضرائب للحكومة. ويصر مخلوف أن الأموال التي طلب منها دفعها ليست ضريبة بل فرضت عليه بطريقة غير شرعية من أشخاص لم يسمهم.
ويعلق جوشوا لانديز من مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما: “يريد الأسد الأموال بشكل ماس لدعم الليرة وبناء الأمور وإظهار أن هناك عوائد اقتصادية للسلام لكنه لا يستطيع إثبات هذا” و”لهذا يريد من رامي الدفع”.
ونقلت الكاتبة عن رجل أعمال سوري يعيش في الخارج قوله إن النظام يقوم بإكـ.ـراه رجال الأعمال بمن فيهم رجال الأعمال الجدد الذين استفادوا من الحـ.ـرب والمشاركة في دعم النظام. ومن يرفض منهم الدفع فسيكون أمامه رامي مخلوف كمثال، خاصة أنه كان في الماضي رجلا لا يمكن لأحد لمسه. وبالتأكيد، فهذا ما يهدف إليه استهـ.ـداف رامي وصمم لإعادة بناء الاقتصاد تماما كما ظهر.
وتـ.ـوفي حافظ الأسد في حزيران/ يونيو 2000. وعاد بشار من لندن حيث كان يتدرب ليصبح طبيب عيون، وذلك بعد وفـ.ـاة شقيقه باسل الذي كان يحضر لولادة والده. وفي الانتخابات لم يكن هناك من ينافسه وحاز على 97% من الأصوات وأصبح مخلوف وجه النظام الجديد تماما كما والده وجه النظام الاقتصادي في عهد حافظ.
وكما يقول لانديز فأي شخص كان يريد تحقيق مكاسب مالية أو الحصول على مشاريع وشراء فنادق كان عليه تقبيل يد الرئيس عبر رامي. وفي النهاية لن يؤثر الخـ.ـلاف العائلي على رئاسة الأسد لكنه الأكثر جدية منذ خلاف حافظ وشقيقه رفعت في الثمانينات من القرن الماضي، عندما حاول رفعت استغـ.ـلال مـ.ـرض شقيقه والسيـ.ـطرة على السلطة.
ويعلق لانديز: “لو قارنتها مع رفعت، فقد كان هذا لديه دبابـ.ـات تحـ.ـاصر دمشق” و”ماذا لديه؟ صفحة على فيسبوك، وماذا يفعل بها؟”.