هيئة ‏استفتاء السيسي: مشاركة 27 مليون مصري..والوقائع تكذب الأرقام

أعلن رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، المستشار لاشين إبراهيم، النتائج الرسمية للاستفتاء على التعديلات الدستورية، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الهيئة العامة للاستعلامات التابعة للرئاسة، مساء الثلاثاء، قائلاً إن “عدد المشاركين في الاستفتاء بلغ 27 مليوناً و193 ألفاً و593 ناخباً في الخارج والداخل، من أصل 61 مليوناً و344 ألفاً و503 ناخبين لهم حق التصويت، بنسبة مشاركة بلغت 44.33 في المائة”.

وتتناقض النتائج الرسمية مع ما رصدته منظمات حقوقية محلية، حول عدم تجاوز نسبة المشاركة 8 في المائة على أفضل التقديرات، قياساً بضعف الإقبال الذي رصدته منظمات المجتمع المدني خلال أيام الاستفتاء الثلاثة، علاوة على منع وسائل الإعلام من متابعة أعمال الفرز في اللجان الفرعية، وكذلك عملية تجميع أرقام المصوتين في اللجان العامة، بتعليمات من الهيئة الوطنية للانتخابات.

وادعى إبراهيم أن عدد الأصوات الصحيحة في الاستفتاء بلغ 26 مليوناً و362 ألفاً و421 صوتاً، بنسبة 96.94 في المائة، مقابل 831 ألفاً و172 صوتاً للأصوات الباطلة، بنسبة 3.06 في المائة، بواقع 23 مليوناً و416 ألفاً و741 صوتاً مؤيداً للتعديلات، بنسبة 88.83 في المائة من الأصوات الصحيحة، و2 مليون و945 ألفاً و580 صوتاً رافضاً، بنسبة بلغت 11.17 من الأصوات الصحيحة.

ودأبت عناصر الأمن على توقيف سيارات الأجرة في محيط لجان الوافدين خلال أيام الاستفتاء، وإرغام الركاب بها على الترجل والتصويت قسراً، حتى ولو صوتوا من قبل، ما يشكك في نزاهة عملية الاستفتاء برمتها، ويؤكد صحة ما رصده “العربي الجديد” حول ظاهرة “تكرار التصويت”، وذلك بتسجيل أسماء الوافدين بخط اليد في اللجان، وعدم وجود قاعدة بيانات إلكترونية تمكن الهيئة الوطنية للانتخابات من استبعاد الأصوات المكررة.

وقال إبراهيم إن “الاستفتاء تزامن مع مجموعة من الأعياد والمناسبات القومية والدينية، ما دفع الهيئة إلى الإسراع في إجراء الاستفتاء على بعض مواد الدستور في وقت قياسي، سواء في الخارج أو الداخل”، معتبراً أن الأيام السابقة اتسمت بالصعوبة، باعتبار أن الاستفتاء مثّل تحدياً كبيراً في الوقت والجهد.

وزعم إبراهيم أن “إجراء الاستفتاء جرى في مناخ ديمقراطي مفعم بالحرية، على مدار ثلاثة أيام في الخارج، ومثلها في الداخل، لنحو 12 ساعة في اليوم، ليخرج في أبهى حلة، تليق بصورة مصر وحضارتها عبر التاريخ، صورة أجمل ما فيها هم أبناء مصر الذين مارسوا حقهم الدستوري في التصويت في مناخ من الديمقراطية”، على حد تعبيره.

وتابع أن “الاستفتاء خرج بالصورة المثلى التي تليق بمصر الحضارة، لتظل راية الوطن مرفوعة وخفاقة، وتنتقل مصر من مرحلة بناء الدولة إلى مرحلة ترسيخ الديمقراطية، والتي لا يجب أن تستورد من بلد آخر، ولكن يجب أن تكون نابعة من إرادة شعبية تقوم على التعبير عن الرأي، والقبول بنتائج الديمقراطية”.

وواصل في كلمته: “هدم الأوطان أمر سهل ويسير، أما بناؤها فهو شاق وعسير، فالأوطان تحفظ بالعرق والدم، لا بالشعارات مهما علا ضجيجها”، نافياً صحة ما انتشر من “شائعات” و”تشكيك” في عملية الاستفتاء من “قوى الشر والظلام”، سواء حول قرار الهيئة بمد التصويت ليوم رابع، أو لساعات إضافية، أو منع وسائل الإعلام من حضور عملية الفرز.

وشهدت أعمال الفرز في لجان الاستفتاء حالة من التعتيم غير المسبوق، بعدما طرد رؤساء اللجان الصحافيين المعتمدين من الهيئة الوطنية للانتخابات خلال عملية فرز بطاقات الاقتراع، فضلاً عن إصدار الأجهزة الأمنية تعليمات إلى كافة وسائل الإعلام المحلية، بالامتناع عن نشر أي مؤشرات أو نتائج للتصويت على مستوى الجمهورية، على خلاف ما حدث في جميع الانتخابات والاستفتاءات التالية لثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

ولم يتطرق إبراهيم للحديث عن أي من المخالفات أو الخروقات التي شابت عملية التصويت في الاستفتاء، كما لم يفتح باب الأسئلة للصحافيين الحاضرين، مكتفياً بالقول إن التعديلات الدستورية باتت سارية بموجب قرار الهيئة، لتزيد مدة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، وينشأ مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية، وكذلك غرفة برلمانية ثانية تحت اسم “مجلس الشيوخ”.

وبلغت الخروقات والمخالفات الانتخابية ذروتها خلال أيام الاستفتاء، في مواجهة انخفاض معدلات الإقبال الشعبي على التصويت، وعجز الدعاية الحكومية عن دفع المواطنين للمشاركة تأييداً للتعديلات، إذ تورطت الأجهزة الأمنية في اتباع طرق أكثر فجاجة لجمع المواطنين من الشوارع، ودفعهم للتصويت، فضلاً عن استخدام وسائل ترهيب متعددة لإجبار الموظفين والعاملين في الجهات الحكومية والخاصة على التصويت.

ووثق مراقبون لعملية الاستفتاء، ممارسات حزب “مستقبل وطن” المدعوم من الأجهزة الأمنية، في حشد الناخبين من خلال نقلهم إلى اللجان الانتخابية للتصويت، مقابل الحصول على “كرتونة” تحتوي على بعض السلع الغذائية، استغلالاً لحالة العوز لدى قطاع عريض من المصريين، خاصة الفقراء والمعدومين منهم، والذين يعانون تحت وطأة الغلاء المتصاعد منذ تولي السيسي للحكم في عام 2014.

وتستهدف تعديلات الدستور مد ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي من 4 إلى 6 سنوات، وتطبيق المد بأثر رجعي لتنتهي في عام 2024 بدلاً من عام 2022، مع السماح بترشحه مجدداً لفترة ثالثة تنتهي في عام 2030، فضلاً عن إنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسته، ومنحه سلطة تعيين النائب العام، ورئيس المحكمة الدستورية، وإضافة “حماية مدنية الدولة” و”صون الدستور والديمقراطية” إلى اختصاصات المؤسسة العسكرية.

المصدر: العربي الجديد