أسرار تنشر للمرة الأولى.. أمريكا تكشف سبب سقوط المناطق بيد النظام عام وأزمة ابو جندل المصري

سوشال-متابعة
أسرار تنشر للمرة الأولى.. أمريكا تكشف سبب سقوط المناطق بيد النظام عام وأزمة ابو جندل المصري

أقر السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد بارتكـ.ـاب إدارة الرئيس باراك أوباما أخطاء كبيرة في ما يتعلق بالملف السوري.

واعتبر أن اثنين على الأقل من قادة الحراك المعارض، كانوا أكثر دقة في تقديراتهم وأبعد نظراً من قادة الولايات المتحدة في ما يخص الوضع السوري، وأن ما توقعاه في وقت مبكر حدث بالفعل، بينما كانت واشنطن تنتظر نتائج أخرى.
خصص فورد مقاله الأخير المنشور في مجلة “نيولاينز” الأميركية، والذي ترجمه “موقع تلفزيون سوريا” للحديث عن مرحلتين من عمر الثورة بناء على لقاءاته مع اثنين من قادة المعارضة المدنية والعسكرية.

وركز في الجزء الأول من المقال على الناشطة الحقوقية رزان زيتونة المختفية منذ ست سنوات، كاشفاً عن تفاصيل اللقاء الذي جمعه بها في دمشق عام 2011 وكيف كانت واثقة من أن النظام لن يقبل بتقديم أي تنازل أو خوض أي حوار جدي مع المعارضة.

بينما كانت الولايات المتحدة تصر على ضرورة محاورته وعدم الذهاب إلى مواجهة عسكرية أكدت له زيتونة وقتها أنها حتمية.
لكن الأكثر أهمية في ما ذكره فورد هو القسم المتعلق بالمرحلة العسكرية من الثورة السورية، وفيه أقر أيضاً بالفشل الأميركي الذريع بمقاربة ملف تسليح ودعم الجيش السوري الحر
مستشهداً بشكل رئيسي باتصالاته مع رئيس المجلس العسكري في حلب سابقاً، العقيد عبد الجبار العكيدي، الذي التقى معه في مناسبتين، إحداهما في ريف حلب عام 2013.
وأضاف: “سبق أن حذرنا في مذكرة وجهت في تموز/يوليو عام 2012 لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حينئذ، كما تم إرسالها إلى مجلس الأمن القومي أنه إذا لم نقم بتزويد المقـ.ـاتلين المعـ.ـتدلين من أمثال العكيدي بالسلاح

عندها لا بد أن تستـ.ـولي “جبـ.ـهة النصـ.ـرة” على حلب وإدلب ووسط البلاد كما استولت على المنطقة الشرقية (دير الزور والرقة)، إلا أن الرئيس أوباما لم يكن يرغب بتقديم السلاح

وكل ما حدث أنه بعد تسلم جون كيري حقيبة الخارجية خلفاً لهيلاري كلينتون، وافق البيت الأبيض تحت الحاح الوزير الجديد، على تقديم مساعدات غير فتاكة، فتوصلنا حينذاك إلى أن ذلك أفضل من لا شيء”.

وبعد أن كان التواصل بين الاثنين يجري من خلال المحادثات الهاتفية والرسائل الالكترونية، التقى فورد لأول مرة مع العقيد عبد الجبار في إحدى زيارات الأخير إلى مدينة عينتاب جنوب تركيا في آذار/ مارس 2013 ليخبره بقرار الإدارة الأميركية الموافقة على تزويد الجيش الحر بمساعدات طبية وغذائية،
الأمر الذي قابله العكيدي ببرودة شديدة، مؤكداً أن مقـ.ـاتليه “على استعداد لأكل ورق الشجر مقابل إمدادهم بالسـ.ـلاح والذخيـ.ـرة لمواجـ.ـهات قوات النظام والزحف من أجل اسقـ.ـاطه” حسب ما يذكـ.ـر فورد الذي طلـ.ـب من مضيفه أن يعتبر ذلك مجرد البداية.
وفي أيار/مايو من العام ذاته، دخل فورد الأراضي السورية من خلال معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا برفقة قافلة من سبع شاحنات كبيرة محملة بالوجبات الجاهزة وحقائب الاسعاف السريع.

وقد اعتبر في مقاله أنه “من الخصال الطيبة التي يتمتع بها العكيدي أنه لم يعبر عن خيبة أمله وإحباطه” من هذه الشحنة التي تم نقلها إلى أحد المخازن، بينما وافق فورد على تناول كوب من الشاي في مقر إدارة المعبر الخاضع لسيطرة الجيش الحر

تلبية لدعوة العكيدي، وعلى عكس ما يسمح به البرتوكول، على اعتبار أنه يدخل الأراضي السورية بطريقة غير شرعية.

ويستذكر العقيد عبد الجبار العكيدي تلك اللحظات بكثير من المرارة، ويقول في تعليقه لـ”المدن” على مقال فورد: “كانت لحظات مهمة في تاريخ الثورة أكدت أن الولايات المتحدة لم تكن تريد وقتها اسقاط النظام أو منع تغول الجماعات المتشددة

بينما كان بالإمكان التخلص من الطرفين على يد الجيش الحر الذي كان يخوض معارك شجاعة ويحقق انتصارات كبيرة رغم كل النقص الذي كان يعانيه على صعيد التمويل والتدريب والتسليح، وهو ما كنا نأمل من الولايات المتحدة مساعدتنا فيه”.

ورداً على سؤال حول السبب الذي جعله يقبل بهذا النوع من المساعدات الهزيلة قال: “كان بإمكاننا أن نرفضها لكن ذلك كان سيعتبر رسالة سلبية من قبلنا، بل وربما يتخذها فريق أوباما ذريعة من أجل تبرير سياساته حول سوريا

لذلك اعتبرنا أنها ربما تكون خطوة أولى على طريق رفع واشنطن الفيتو المفروض على تسليح الجيش الحر، فالولايات المتحدة لم تكتف وقتها بعدم دعم فصائل المعارضة الوطنية، بل ومنعت الآخرين من القيام بهذا الأمر عندما كانوا يرغبون

ولذا فقد أردنا عدم اغلاق الأبواب نهائياً لأن ذلك ما كان يريده أوباما الذي كان كل همه منصباً على انجاز الاتفاق النووي مع إيران”.

لكن التحول الأهم حدث بعد ذلك بعام عندما تمكنت المعارضة من السيطرة على مطار منغ بريف حلب الشمالي، وحول ذلك يقول فورد:

“في مطلع شهر آب/أغسطس 2014، وصلتني تقارير تفيد بسقوط قاعدة منغ مع صور للعكيدي وهو يقف بجانب قائد من تنظيم الدولة، هو أبو جندل المصري، ليحتفلا بالسيطرة على تلك القاعدة العسكرية”.

ويضيف: “تواصلت مع العكيدي عبر الهاتف وهو في حلب وأخبرته بأن هذا النوع من التعاون من شأنه أن يضر بسمعة الجيش السوري الحر بشكل كبير في واشنطن وغيرها، عندها انفجر العكيدي -حسب فورد- وأخذ يطلق الشـ.ـتائم، بيد أن لغتي العربية لم تكن جيدة بما يكفي لألتـ.ـقط التفاصيل وأفهم كل ما يقول.

لكن كان واضحاً من تقـ.ـريعه الصـ.ـارخ بأنه خاض قـ.ـتالاً ضـ.ـارياً ضـ.ـد قوات النظام، وبأن الأميركيين لم يقدموا أي مساعدة.

كما لا يمكن اعتبار الوجبات الجاهزة التي قدمتها الولايات المتحدة بأنها دعم، وقال لي بشكل مباشر: إذا لم يكن الأميركيون على استعداد لتقديم المزيد عندها يتوجب عليهم أن يخـ.ـرسوا”.

إلا أن العكيدي نفى لـ”المدن” أن يكون قد تفوه بأي شـ.ـتائم خلال تلك المكالمة التي كان غـ.ـاضباً جداً فيها بالفعل، خصوصاً عندما استنـ.ـكر فورد ظهور أحد الجهـ.ـاديين بصورة إلى جانبي، وكأننا نحن من دعونا هؤلاء للمجـ.ـيء إلى سوريا.

ونحن من أطلـ.ـقهم من السجـ.ـون.ما حدث أنه كان هناك مجموعة من لواء المهـ.ـاجرين والانصـ.ـار (الذي انضم إلى تنظـ.ـيم داعـ.ـش لاحقاً) مشاركاً في اقتـ.ـحام مطار منغ.

وبعد انتهاء المعـ.ـركة التقطنا مجموعة صور لم أكن لأدقـ.ـق من يقف فيها حولي، وحتى هذا الشخص لم أعرف اسمه إلا بعد أن أخبرني فورد أنه أبو جـ.ـندل المصري

لذلك انفـ.ـجرت بشـ.ـدة وطلبت منه ابـ.ـلاغ رؤسائه أنه إذا لم يكونوا مستعدين لدعـ.ـمنا فليتركونا نتـ.ـصرف بالطريقة التي نرى أنها الأفضل أو الأقل ضـ.ـرراً.

بمواجـ.ـهة الواقع الذي كان يزداد خـ.ـطورة من حولنا كجـ.ـيش حر مع تنامي قـ.ـوة وتزايد عدد مقـ.ـاتلي الفصائل المتطـ.ـرفة التي كانت تمتلك أموالاً وسـ.ـلاحاً أكثر بما لا يقـ.ـارن منا”.

لكن بشكل عام ينظر العكيدي إلى مضمون مقال فورد بايجابية، ويرى أنه يحتوي على اعـ.ـترافات شجاعة جـ.ـرت العادة أن يؤجلها السياسيون الأميركيون إلى ما بعد تقاعـ.ـدهم ويضمونها في كتب مذكراتهم

وفي الوقت نفسه لم يستبعد أن يكون توقيت نشره مرتبط بالانتخـ.ـابات الرئاسية الأميركية، لكن الأهم -من وجهة نظر العكيدي- أنه يؤكد أن المعارضة المدنية والعسـ.ـكرية كانت تمتلك ومنذ وقت مبكر الرؤية الدقيقة لمسـ.ـتقبل الوضع في سوريا بحال لم يتدخل العالم للمساعدة في تغيير النظام.
المصدر: موقع المدن