الدولار المجمد ..يباع بنصف قيمته الحقيقية من بنوك مناطق الصراع إلى جيوب العرب.. إليكم قصة أحد ضـ.ـحاياه

متابعات
الدولار المجمد ..يباع بنصف قيمته الحقيقية من بنوك مناطق الصراع إلى جيوب العرب.. إليكم قصة أحد ضـ.ـحاياه

ليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كل ورقة لونها أخضر من الممكن أن تكون دولارا، حتى وإن لم يراودك الشك في تزويرها، وتوافرت فيها جميع صفات العملة الأميركية الرائدة عالميا وشروطها.

بالتأكيد تساءلت يوماً ما هو الدولار المجمد وكيف أن هذا الدولار حقيقي وغير مزور ولكن يحذر من التعامل به وانتشر طرق الاحتيال عن طريق بيع الدولار المجمد منذ الحرب الخليجية الثانية خاصة بعد أن تعرضت البنوك للنهب.

فعبر منصات التواصل الاجتماعي تنتشر عشرات الصفحات لبيع عملة نقدية يطلق عليها “الدولار المجمد”، والتي من الممكن الحصول عليها بنصف قيمتها الأصلية، بمعنى كل دولار بنصف سعره.

وحتى يتضح أمر “الدولار المجمد”، فلا بد من التوضيح بأنه عملة سليمة وغير مزورة كغيرها من الأوراق النقدية الأخرى، لكن الرقم التسلسلي المطبوع أسفلها يخضع لتقييد من قبل أنظمة غربية لأسباب مختلفة.

وتعددت التصنيفات التي اندرج تحتها هذا النوع من العملات، فمنهم من وضعها في مضمار عمليات النصب والاحتيال، وآخرون اعتبروها طريقة لضرب سوق العملات المحلي، نظرا للأضرار التي يتسبب بها.

كما تعددت الروايات حول مصدره واكتشافه وقصة وصوله إلى السوق العربية السوداء، وارتبط الأمر بظروف سياسية وأمنية شهدتها دول عربية خلال السنوات الأخيرة.

وحتى لا تكون ضحية تنجر إلى مربع النصب والاحتيال، فإن صحيفة “الاستقلال” التقت أشخاصا كادوا أن يقعوا في شرك مروجيها، ونقلت تجاربهم وصولا إلى جملة من النصائح.

المصدر ليبيا؟
تقول إحدى الروايات التي يتداولها مهتمون بالشأن عبر مواقع التواصل الاجتماعي: إن العملة جاءت من ليبيا عقب إسقاط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي في أعقاب الثورة الشعبية التي خرجت ضد حكمه في 2011.

وآنذاك، وقع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما على أمر تنفيذي يجمد أصول القذافي وعائلته وكبار مسؤوليه بالإضافة إلى الحكومة الليبية والبنك المركزي الليبي وصناديق الثروة السيادية.

نتيجة لذلك القرار تراكمت ملايين الدولارات (ليس هناك رقم محدد) في الخزينة الليبية والبنوك التابعة للحكومة وقتذاك، ومع تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد جرى تهريبها إلى دول عربية، وفق مصادر متعددة.

وترجع رواية أخرى بداية انتشار الموضوع إلى حرب الخليج الثانية (1990-1991) والاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، حيث تمت سرقة كميات كبيرة من الدولارات من عدة بنوك عراقية.

وبحسب موقع “البورصة الليبية للعملات”، فإنه تم التبليغ عن هذه الدولارات لواشنطن من أجل تجميدها، استنادا للأرقام التسلسلية المسجلة في قواعد البيانات الخاصة بالمصارف.

وبالفعل، تواصلت البنوك مع الولايات المتحدة وجرى تجميد الدولارات حتى لا يستفيد أحد من تصريفها أو إدخالها إلى حسابات بنكية ثانية، وفق الموقع ذاته.

ضـ.ـ،حايا المجمد وخلال الأشهر القليلة الماضية، انتشرت إعلانات لتصريف دولارات مجمدة على الإنترنت وخاصة عبر منصة “فيسبوك”، ووقع ضحيتها العشرات من الأردن وفلسطين وبعض العرب الموجودين في تركيا.

“نعيم ناصر” واحد من هؤلاء الضحـ.ـايا، إذ إنه يقيم في فلسطين وعند معرفته بقصة الدولار المجمد تواصل مع أحد أصدقائه المقيمين في تركيا للاستفادة من الأمر.

ويقول ناصر لـ “الاستقلال”: “صديقي مقيم في تركيا منذ 10 سنوات، ويعرف جيدا بأمور الحياة هناك. تحدثت إليه عن الموضوع وحولت له مبلغ 5 آلاف دولار أميركي (شرعية)”.

وبحسب ما علِم من الإعلانات المتداولة فإن المبلغ الذي حوله لصديقه سيتم استبداله بـ 10 آلاف دولار، وتم ذلك بالفعل بعد التواصل مع أحد القائمين على تلك الصفحات.

ويضيف “ناصر”: “حصل صديقي على المبلغ المستبدل، وعند تحول المبلغ من تركيا إلى فلسطين عبر أحد المكاتب المتخصصة بتحويل الأموال، واجهتنا مشكلة خطيرة بعد اكتشاف أمرها والتبليغ عنها”.

ضحـ.ـية أخرى تحدثت إلى “الاستقلال” نجحت في استبدال مبلغ صغير لم يتجاوز ألفي دولار أميركي، واستطاعت بالفعل تحويلها إلى منطقة خارج تركيا.

وتستدرك الضحية التي رفضت كشف هويتها: “لكن عندما وصلني المبلغ لم أستطع تصريفه مرة واحدة خوفا من اكتشاف أمره، فاضطررت إلى الاستفادة منه بشكل متقطع عبر شراء العملة المحلية بشكل جزئي حسب الحاجة”.

مخاطر على السوق الكاتب والباحث الاقتصادي، أحمد مصبح، يقول: إن “التلاعب بهذه الأموال يعد أحد أشكال النصب والاحتيال”، التي وجدت في مواقع التواصل تربة خصبة لرواجها.

ويضيف “مصبح” في حديث لـ “الاستقلال”: “بغض النظر عن أسباب القيود المفروضة على تداول هذه الأموال، فإن تمريرها على الأفراد يسبب خسائر كبيرة كلما زاد حجمها.

أما على مستوى الدولة، فإنها تتسبب في زعزعة الثقة لدى النظام المالي، وتجعل منها بيئة خصبة للعمليات المشبوهة مثل غسيل الأموال وغيرها من الأمور غير القانونية، وبالتالي خسائر كبيرة على مستوى الدولة.

ويشير الباحث الاقتصادي إلى أمر مهم يتعلق بأنها سليمة وليست مزيفة من ناحية شكلية، وبالتالي يسهل تمريرها على الأفراد وخداعهم. وحول دور صندوق النقد الدولي أو المنظمات المالية للحد من تداوله، يرى أن المسألة مرتبطة بشكل النظام الرقابي والمالي وجودته داخل الدول، لأن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على الجهات الأمنية فيها.

ويقول “مصبح”: “إنها لا تختلف عن تداول العملات المزيفة، وبالتالي للحد من تداولها يجب أن يكون هناك نظام رقابي مالي له القدرة على مراقبة السوق المالي للسوق السوداء”.

ويستدرك: “لكن تكمن المعضلة في الدول غير المستقرة سياسيا مثل العراق وليبيا والسودان، والتي ظهر فيها مؤخرا انتشار هذه الظاهرة بشكل كبيرة”.

ويضرب مثالا على ليبيا، خاصة في ظل الوضع الحالي، إذ يكاد يكون من المستحيل السيطرة على مثل هذه العمليات، ويبقى أحد الحلول هو زيادة توعية الجمهور بهذه العمليات ومخاطرها.

فرصة للنجاة لتصريف الدولار المجمد ينتشر “سماسرة” متخصصون لهذا الغرض في كل من تركيا والأردن والعراق وليبيا وسوريا ودول عربية أخرى يكون فيها النظام الرقابي المالي ضعيف إلى حد ما.

وبحسب موقع “ويكي ويك” الاقتصادي، فإن بعض العصابات تمكنت من تهريب كميات من تلك العملات غير الشرعية إلى بلدان أخرى، بقصد الاحتيال على الآخرين وبيعها لهم.

ويحذر الموقع الراغبين باستبدال أموالهم السليمة بأخرى قد يجدون صعوبة في تصريفها، ويسرد بعض النصائح والإرشادات لتجنب الوقوع في فخ النصب.

ويقول الموقع: “إن عُرض عليك شراء دولار مجمد فألغ الفكرة، واعلم أن في الأمر مخاطرة كبيرة قد تودي بك إلى السجن، خاصة أن محاولة تصريفه في محال معينة بات أمرا سهل الاكتشاف مع تطور عدادات النقود الآلية”.

ويضيف: “إن اكتشف أمر أحد الأشخاص الذين يعرضون عليك شراء الدولار المجمد، فمن الأفضل عدم التعامل معه أو الإبلاغ عنه للسلطـ.ـات المعنية، إضافة إلى الابتعاد عن الصفحات الاجتماعية التي تروج له”.