من الذي سيقتل بشار الأسد؟

كتب أيمن خالد

حزب الله يقتل القائد العسكري المنتمي إليه مصطفى بدر الدين في دمشق في أيار مايو 2016 ثم يتهم إسرائيل بمقتله، في الوقت الذي كان وجوده حياً سيؤدي إلى كشف تفاصيل اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وبالتالي لا يفيد إسرائيل مقتله بقدر ما يخدم حزب الله الذي لا يريد وقوف الجناة أمام منصة المحكمة الدولية، ما سيعجل في سقوط أوراق الحزب وانكشاف تفاصيل كثير من جرائمه.

ومع ظهور ملامح الرحيل لبشار الأسد عن سدة الحكم في دمشق، ومع تكشّف الأوراق، وبدء تطبيق قانون قيصر، يضاف إلى ذلك ما جرى يوم الخميس التاسع من تموز/يوليو2020 حيث صوّت المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأغلبية ساحقة على ضرورة إعلان النظام السوري عن التفاصيل المرتبطة بالمنشآت كافة التي أنتج فيها غاز السارين والكلور اللذان استخدما في هجمات 2017 وهو قرارٌ كان متوقعاً من قبل، ناهيك عن بدء تحريك ملفات الإدانة لنظام الأسد في عدد من المحاكم الأوروبية، كلها ملفات معقدة تضع الأسد أمام مواجهة مصيرية صعبة.

لا مكان للأسد:

ليس هناك من مكان آمن يستطيع أن يلجأ إليه بشار الأسد خلال الفترة القادمة، وما يقال عن لجوئه إلى روسيا أو إيران، فذلك محض فرضيات ظهرت عبر وسائل إعلامية لكنها لم توثق من مصادر رسمية، إذ إنه من الصعب جداً أن يجد بشار الأسد أي مكان آمنٍ له خارج سوريا، لأن جرائم الأسد تفوق ما حدث في رواندا والبوسنة باعتباره استخدم أسلحة دمار شامل، وثقت المنظمات الدولية هذه الجرائم ما يعني أن تحويل هذا الملف سيمضي قدماً نحو المحكمة الدولية، وهو ما يجعل دولة مثل روسيا ترفض أن يكون بشار الأسد على أراضيها بما يزيد من حدة الأزمة بينها وبين الحكومات الغربية.

إيران ذاتها لا يمكنها استقبال الأسد على أراضيها، لأنها بحد ذاتها تخشى الإدانة إلى جانبه، خصوصاً وأن المنشآت العسكرية التابعة للنظام السوري تعمل تحت المظلة العسكرية الإيرانية في سوريا، وبالتالي من الصعب جداً فصل الشراكة بين نظام الأسد والدور الإيراني في سوريا، التي يسرح بها الخبراء الإيرانيون في المجالات كافة، ما يعني أن إيران يكفيها قلق التفتيش على أعمالها في المنشآت النووية على أراضيها، وهي غير مستعدة لاستقبال الأسد وفتح مزيد من الأبواب الدولية صوبها.

عربياً لا مكان للأسد، ودولياً لن يجد دولة تضمن له عدم تسليمه للمحكمة الدولية، ومسألة حصوله على مزيد من الوقت لم تعد ممكنة، لأن وجوده بات مصدراً للأزمات الدولية، خصوصاً التمدد الإيراني والتعقيدات الأمنية على سلامة الممرات المائية واستقرار اقتصاديات المنطقة التي خلقتها مليشيا إيران حيث وجوت.

موت الأسد

موت بشار الأسد على طريقة مقتل مصطفى بدر الدين سيغلق ملفات كثيرة، لا تتعلق بسوريا فقط، ولكن تتعلق بحزب الله، شريك نظام الأسد في الاغتيالات التي نفذّت على الساحة اللبنانية، فهل سيترك حزب الله شريكه في تلك الجرائم طليقاً حراً بحيث تلتقطه المحكمة الدولية، بما يعني كشف ملفات الموت التي اجتاحت لبنان عبر الاغتيالات تارة، وعبر الشراكة طويلة الأمد بين الحزب وبين آل الأسد، والتي لم تظهر كثير من تفاصيلها الغامضة، التي تفوق مواضيع تبييض الأموال والتجارات الفاسدة، إلى ملفات تتعلق بسلامة مصالح دولية عديدة استهدفت داخل لبنان وخارجه، ولا يزال نظام الأسد هو الصندوق الأسود الذي يحمل تلك الأسرار.

إيران.. اتفاقات عسكرية:

في خضم الحديث عن قرب رحيل الأسد، ثمة مفارقة غريبة، وهي تلك الاتفاقية التي وقعتها إيران مع نظام الأسد، والتي تظهر للوهلة الأولى وكأن نظام الأسد باق، وأن ثمة معركة قادمة ضد أمريكا، يشترك فيها الإيرانيون ونظام الأسد، فالصورة تبدو وكأن إيران والنظام انتهيا من السيطرة على الأوضاع في سوريا، وسيذهبان نحو مواجهة قادمة مع أمريكا، وهو عملياً رصد سخيف، لا يقبله عقل.

إيران تؤمن أن انهيار نظام الأسد بالكامل هو حل مفيد لها، لأنها تتوهم أنها من خلال المليشيا التابعة لها في أماكن عديدة من سوريا سوف تتمكن من الإمساك بسوريا بعد نهاية الأسد، كما فعلت في العراق في وقت سابق، وهذا يعني بالضبط، أن إيران ليس لديها مشكلة، أن تكون هناك عملية إزاحة جديدة لرأس النظام السوري مع عدد من أعوانه على شاكلة حكاية خلية الأزمة التي تم تفجيرها في تموز/يوليو 2012.

لا نتمنى ذلك، ولا نريد مزيداً من القتل في سوريا وإنما نأمل أن يذهب الجناة إلى المحكمة الدولية.

المصدر: نينار برس