عبد الباري عطوان يشن هجوماً كاسحاً على روسيا بعد تسليم رفات الجندي الإسرائيلي لنتياهو

سوشال

نعترف اننا اصبنا بحالة من الصدمة والغضب معا، ونحن نتابع انباء تسليم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفاة الجندي الإسرائيلي زخريا بومل، الذي قتل مع اثنين من زملائه في معركة بلدة السلطان يعقوب اثناء غزو عام 1982 للبنان الى “صديقه” بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الزائر حاليا لموسكو، لانه ليس من حق الروس، ومهما كانت درجة تحالفهم مع سورية، الاقدام على هذه الخطوة التي تشكل استفزازا واهانة لمشاعر العديد من حلفائهم العرب داخل سورية وخارجها، فماذا تركوا للامريكان اذن؟

عملية تسليم رفاة الجندي الإسرائيلي جرت للأسف بطريقة احتفالية في مقر وزارة الدفاع الروسية في موسكو، وبحضور رئيس هيئة الأركان الجنرال فاليري غيراسيموف، مما يعني، بالنسبة الينا على الأقل، ان القيادة الروسية لا تحتفل فقط بعملية “القرصنة” لهذا الجثمان التي تشكل انتهاكا للسيادة السورية، وانما أيضا تقدم هذه “الهدية” الثمينة الى نتنياهو الذي ارتكب جيشه مجازر عدة في الضفة وقطاع غزة، لتعزيز فرصه للفوز في الانتخابات الإسرائيلية بعد أربعة ايام، حتى يستمر فيها، أي المجازر، وضم الضفة الغربية والقطاع، بعد ضم هضبة الجولان والقدس المحتلة، وهي عمليات الضم التي اعترضت عليها القيادة الروسية رسميا.

*

الزميل كمال خلف مراسل هذه الصحيفة في لبنان وسورية، قدم تفاصيل دقيقة ومزعجة عن عملية “القرصنة” ننشرها في زاوية “اخبار خاصة”، حيث اكد على ان قوات روسية تضم خبراء، ومجهزة بمعدات حديثة ومتقدمة، وصلت الى مخيم اليرموك الفلسطيني يوم 10 آذار (مارس) الماضي وطوقته بعد ان امرت جميع القوات المتواجدة فيه، والسورية على رأسها، وتوجهت الى مقبرة الشهداء في المخيم وخرجت منها بعد خمسة أيام حاملة اكياسا يعتقد انها تحتوي على رفاة الجندي الإسرائيلي.

الا يعرف الرئيس بوتين الذي هنأ الشعب الإسرائيلي باسترجاع رفاة هذا الجندي انه ليس من حقه، او من حق قواته، نبش هذه المقبرة، وإخراج الرفاة منها، وتقديمها الى الإسرائيليين على طبق من ذهب ودون أي مقابل؟ وهل هذه “الهدية” مكافأة لنتنياهو على شن طائراته 200 غارة على اهداف في عمق سورية على مدى الأعوام الثلاثة الماضية؟ وعلى اهداف على بعد بضعة كيلومترات من تواجد قواته في قاعدتي طرطوس وحميميم السوريتين؟

هناك اكثر من سبعة آلاف اسير فلسطيني ولبناني وسوري في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وكان من الممكن، وعلى ضوء تحارب سابقة، الافراج عن المئات، وربما الآلاف من هؤلاء الاسرى في صفقة تبادل جديدة، ولكن هذا التسليم الروسي المجاني للرفاة اجهض هذه الخطوة، وحرم آلاف الاسر من “فرحة” تنتظرها منذ سنوات، بعودة احبائها الذين يعانون مختلف أنواع الظلم خلف القضبان الاسرائيلية.

لا نفهم كيف يتسابق “الحليف” الروسي مع نظيره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للفوز بقلب نتنياهو المتهم بالفساد من النظام القضائي، وهو الذي تسببت طائراته في اسقاط طائرة روسية وقتل اكثر رمن 15 من كبار جنودها الخبراء في الامن العسكري الروسي؟

انتظرنا عدة ساعات لعلنا نسمع توضيحا من السلطات السورية على هذا الانتهاك لسيادتها، وفي احد احياء العاصمة، ومن قبل اقرب الحلفاء والأصدقاء ولكننا لم نحصل على ما يشفي فضولنا في هذا الاطار، كما اننا نجهل الثمن الذي حصلت عليه موسكو في المقابل اذا كان هناك ثمن.

ربما تكون القيادة الروسية قد كسبت ود نتنياهو، والكثير من الإسرائيليين واليهود داخل فلسطين المحتلة وخارجها، بإقدامها على خطوة التسليم هذه، ولكنها اثارت في الوقت نفسه غضب الكثير من العرب والمسلمين، ونحن من بينهم، وفي مثل هذا التوقيت الحرج، الذي نعول فيه على دعمها لقضايانا العادلة في مواجهة هذا العدو الغاضب المتغطرس، نقولها وفي الحلق مرارة

الكاتب: عبد الباري عطوان