سيناريو جنوني لكنه غير مستبعد: إسرائيل تجتاح سوريا و تحاصر دمشق!

نظراً لتعقيدات المشهد السوري الاستراتيجي و السياسي، يمكن القول بأن جميع الأطراف تقريبا أصبحت مكبلة بتفاهمات، أو إتفاقيات، أو وعود فيما بينها مما أوصل الأزمة الى وضع أسميه “استقرار تأزم المشكلة”

و اصبح المشهد بحاجة الى لاعب “مارق” لا يستطيع أحد منعه من التحرك، و لا يرغب أحد بإزعاجه ألا وهو الطرف الإسرائيلي.
فإسرائيل تريد الحفاظ على أمنها من الابتزاز السياسي و الاعلامي الذي سينتج عن اقتراب الايرانيين من حدودها، و لا تريد للأسد أن يستثمر انتصاراته ان هو بقي في سدة الحكم. و هي ترغب في أن يتم الاعتراف بها كصمام أمان المنطقة فعليا، و أن تقضي على الوجود الإيراني عدو العرب الاول كدفعة على حساب قبول العرب حل الدولتين على الطريقة الاسرائيلية.

و لهذه الاسباب ولأسباب أخرى، منها يتعلق بتفاصيل صغيرة، و منها يعتمد على إحساس و هواجس غير خاضعة للمنطق، أعرض لكم فيما يلي سيناريو اجتياح اسرائيل لسورية و حصار دمشق.

قد يكون سيناريو جنونيا، و لكنه لم يأت من فراغ، و هنالك الكثير من المعطيات التي تدعم هذا التصور الذي قد يظنه البعض خارج منطق، و الخيال.

توزع القوى الراهن في سورية

يسيطر النظام السوري بمساعدة القوة الجوية الروسية الضاربة، و الميليشيات الإيرانية الطائفية، وحزب الله اللبناني على محافظة درعا، و دمشق، و حمص، و حماه المدينة، و حمص، مدينة حلب، و اللاذقية و طرطوس، مع تواجد رمزي و هش في مدينة دير الزور، و الحسكة. علما أن كل هذه المناطق لا تشكل أكثر من 55% من مساحة سورية.

بقيت مناطق ريف حماه الشمالي، و محافظة إدلب بالكامل، و ريف حلب الشمالي غربي نهر الفرات تحت سيطرة الفصائل الموالية لتركيا و من أهمها هيئة تحرير الشام الاسم الطبعة الأخيرة لجبهة النصرة الإرهابية. و تشكل هذه المساحة حوالي 10% من مساحة سورية.
في حين بقيت مناطق شرق الفرات تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية بشكل مطلق مدعومة من قبل التحالف الدولي. حيث تمتد المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد حتى التنف حيث القاعدة الأمريكية. و تشكل هذه المساحة حوالي 35% من مساحة سورية.
المشهد السياسي السوري الراهن.

من الواضح أن القوة العسكرية على الأرض في سورية هي من تتحكم بالقرار السياسي.

و بالرغم من أن روسيا القوة العظمى تسيطر على السماء، و تبدو و كأنها اللاعب السياسي الأوحد، و بالرغم من أن الادارة الروسية حرصت مرارا و تكرارا على الاثبات للعالم بأن رأس النظام السوري ليس سوى بيدق في يدها، إلا أن الواقع ليس كذلك.

فإيران تمتلك الأرض، و عصاباتها و ميلشياتها و حزب الله يسيطرون على مفاصل الدولة السورية، و أي انسحاب لهم سيتسبب في انهيار نظام الأسد تلقائيا و بدون تدخل من أحد. هذا بالاضافة الى كون سلامة رأس النظام الشخصية هي رهن رضا النظام الإيراني عليه، فمن المستحيل على الأسد أن يعارض أي رأي ايراني و إلا سيلحق بالرئيس علي عبدالله صالح بعد ثانية من معارضته.

لا تتجرأ روسيا و تركيا و ايران و نظام الاسد مجتمعين على محاولة استعادة شرق الفرات من قوات سورية الديمقراطية التي تتمتع بحماية مطلقة من الولايات المتحدة الامريكية، و التي أثبتت عدة مرات ان الاقتراب من قسد خط أحمر مميت. و الجميع يذكر ابادة أمريكا لفصيل مرتزق مكون من أكثر من 400 ارهابي محسوب على ايران و فيه عناصر محسوبة على روسية لمجرد اقترابهم من قوات سورية الديمقراطية.

ولا تتجرأ روسيا و ايران و النظام مجتمعين على اجتياح ادلب بسبب الفيتو الامريكي الذي يمنع ذلك، و هذا الفيتو يوّفر لتركيا مساحة من حرية التصرف في ادلب و كأنها ولاية تركية.

لا تستطيع تركيا اجتياح شرقي الفرات منفردة، و يبدو انها فقدت الامل في ذلك مع أنها مستمرة بالتذكير باستعداداتها لغزو جديد لمناطق سورية.

الوضع العسكري الراهن في سورية لا يسمح لممثلي القوى العسكرية السياسيين بالتصرف بحرية كاملة و إنفاذ مخططاتهم، مما خلق معركة إنفاذ رغبات و مصالح تحت الطاولة على الشكل التالي:

1. روسيا لا ترغب بالاصطدام مع أمريكا في سورية تحت أي ظرف.
2. أمريكا لا ترغب بالاصطدام مع إيران في سورية لعدم احراج روسيا أمام إيران.
3. روسيا لا ترغب بأن تطرد ايران من سورية حفاظا على مصالحها في إيران.
4. روسيا لا ترغب في وجود ايران في سورية لانها تعتقد بأنها لم تضحي بكل شيء من اجل ان تستحوذ ايران على حصة الأسد في سورية و لتبدو كأنها المغفل الكبير.

5. روسيا و امريكا لا تريدان إخراج تركيا من سورية بالقوة و لا يريدان لها ان تقاسم امريكا و روسيا على شيء.
6. الدول العربية و على رأسها المملكة العربية السعودية مثل كل السوريين تريد اخراج ايران من سورية بأي ثمن.
7. اسرائيل لا ترغب بوصول قوات مدعومة من ايران على مقربة من حدودها حتى ولو كانت ترسل لها اشارات صديقة.

سيناريو اجتياح اسرائيل للجنوب السوري و حصار دمشق

في ظل الشلل السياسي و الاستراتيجي الذي يسيطر على المشهد السوري، بقيت اسرائيل الدولة الوحيدة الحرة و القادرة على التصرف دون أن تلاقي اعتراضاً يستحق الذكر من أي طرف باستثناء النظام الايراني والنظام الأسدي الذين سيتم استهدافها بغرض ازالتهما من الخارطة السياسية والمشهد السوري بشكل نهائي.

لن يعترض الشعب السوري اعتراضا يستحق الذكر على الاجتياح الاسرائيلي للجنوب السوري لأن لديه على الارض، حقيقة، عدوان مطلقان و حقيقيان لا يمكن التخلص منهما إلا على الطريقة الاسرائيلية.

وأعتقد ان أولياء الشهداء و المفقودين و السجناء و الجرحى و المهجرين و المضطهدين السوريون سيرحبون بهذه الخطوة الاسرائيلية و سيشكرونها.

لن تلاقي الخطوة الاسرائيلية اي اعتراض من روسيا لأنه تم ابلاغها بالخطوة، و هي ترحب بها لان اسرائيل تحل معضلتها الخاصة المتمثلة بإخراج إيران من سورية و الحفاظ على مصالحها فيها دون أن تتأثر.

وقد بدأت اسرائيل بالفعل الخطوات العملية الخاصة بالاجتياح برفض تجديد مهمة القوات الدولية في الجولان، و بزيارة نتنياهو الى موسكو عدة مرات والتي كانت اخرها منذ يومين ، حيث أعلن لافروف عن زيارة مكوكية لدول الخليج عقب زيارة نتنياهو.

كما أن زيارة لافروف للخليج تهدف للحصول على دعم الخليج في تمكين روسيا من البقاء في طرطوس السورية على الأقل مقابل عدم اعتراضها على تصفية الوجود الإيراني في سورية و اسقاط نظام الاسد.

سيناريو الاجتياح

سيتم توريط ميليشيات تتحكم بها روسيا في الجنوب حيث تنتشر الميلشيات الطائفية بإطلاق صواريخ على شمال اسرائيل او قيام النظام بمحاولة اسقاط طائرة اسرائيلية بطلب من روسيا على سبيل التوريط.

ستقوم اسرائيل باتهام النظام الإيراني بالعدوان عليها، وستعلن بأن هدفها من دخول سورية هو اخراج ايران من سورية دفاعا عن نفسها وليس احتلال سورية أو أي جزء منها.

1. الخطوة الأولى تتمثل باجتياح الجنوب بدءاً من درعا باتجاه الشمال وصولا الى القصير، و بالتحرك من جنوب لبنان للوصول الى البقاع ثم الالتفاف شرقا، و قطع كافة الطرق الى دمشق و حصارها تماماً. علما أن طريق دمشق بغداد مقطوع اصلا بسبب وجود القوات الأمريكية في التنف.
2. سيتم عزل نظام الأسد عن حزب الله، و بالتالي قطع خطوط إمداد الطرفين عن بعضهم البعض
3. سيتم حصار دمشق تماما مثل حصار بيروت و سيتم إجبار الطغمة الحاكمة و الايرانيين على الخروج من دمشق إلى إيران.
4. سيبقى الروس غرب سورية و مهمتهم منع حدوث أي فجوة تفك الحصار، وهذا نتيجة لتفاهمات مسبقة مع الامريكان.
5. سيتم تشكيل حكومة مؤقتة تتولى ادارة البلاد ريثما تستقر الامور و تخرج اسرائيل.

ملاحظات جانبية
a. لن يستطيع الإيرانيون التحرك في العراق، فالامور جاهزة هناك للثورة ضد الإيرانيين و عملائهم في ذلك البلد.
b. حماس و حزب الله سيلتزمون الصمت ، و ربما تتابع اسرائيل اخراج قوات الحزب عن الخدمة.
c. لن يقاوم الشعب السوري اسرائيل طالما أنها أنها تهدف الى القضاء على الوجود الإيراني و الاسدي في سورية، و أنها ستخرج
d. تركيا ستقف على الحياد و هي أعجز من تتدخل عندما تكون الفيلة ترقص في سورية.
e. ستكون ردة الفعل العربي بروتوكولية فقط و لن يكون هنالك أي تصعيد ضد اسرائيل.

هذا تصور قد يحدث، وقد لا يحدث، و حسب المرء أن يضع كل الاحتمالات لما سيحدث لمنطقته، لعله يكون قادرا على رؤية الانسب، و رؤية ما يفيد بلده و شعبه.

علي الأمين سويد
المصدر: الحوار المتمدن